بأقلامهم >بأقلامهم
"الغرّ المسكين"!
جنوبيات
"الولد ولد ولو حكم بلد"!
إنّها مقولة يتداولها الكثيرون بدون معرفة منهم لأصلها وفصلها، ويُقصد منها الاستهزاء ببعض التصرّفات الصبيانيّة.
فما هو أصل هذه المقولة؟
يُحكى أنّ والي مصر محمّد عليّ باشا خرج يومًا يتنزّه مع بعض أفراد حاشيته، فمرّوا بأولاد يلعبون "بالجلل". وكان بينهم ولد يعتمر طربوشًا جديدًا فتناوله محمّد عليّ باشا عن رأسه وقال له:
بكم تبيع هذا الطربوش؟
فقال الولد:
كان سعر طربوشي عشرين "مصريّة" (وهي العملة المتداولة آنذاك) قبل أن تمسكه يدكم الكريمة، أمّا الآن فقد أصبح في يدكم أغلى من أن يُباع بثمن.
فأُعجب محمّد عليّ باشا ببداهة الولد، وقال لمن معه:
هذا الولد ربّما صار يومًا حاكمًا عظيمًا.
ثمّ قال له:
إذا أعطيتك ثمن الطربوش ألف مصريّة فماذا تفعل بها؟
أجاب:
أشتري "جللًا" وألعب بها مع رفاقي.
فضحك محمّد عليّ باشا وقال مقولته الشهيرة:
"الولد ولد ولو حكم بلد".
وقد أضحت هذه المقولة مثلًا يُتداول عبر الزمن.
وفي نظرتنا للواقع المأساويّ الذي نعيشه اليوم في بلد الحرمان والطغيان، وبعد أن أصبحنا في خبر كان، نشكو الفاقة ويسيطر علينا صغار القوم وضعاف النّفوس، وصار المأمول ميؤوسًا منه، والنّجاة ضربًا من ضروب الخيال أو المستحيل، فإنّنا نقول وبالفم الملآن:
كم من الأولاد يحكمك أيّها البلد الحزين حتّى أُطلق على شعب لبنان:
"الغرّ المسكين"، بعد أن خذله الغثّ والسّمين...
فيا ربّ يا معين اكفنا شرّ الظّالمين...
آمين...